التصنيفات » مقالات سياسية

تحليلات: بكلّ ما يتعلّق بالعلاقات بين أميركا وإسرائيل انتهى عهد بلطَجي الحارة

تحليلات: بكلّ ما يتعلّق بالعلاقات بين أميركا وإسرائيل انتهى عهد بلطَجي الحارة

" إسرائيل متعلّقة بالولايات المتحدة أكثر من الدول العربية. وترامب لا يُهَدّد نتنياهو، وإنّما يأمُرُه. ولأوّل مرّة ستُجري إسرائيل مفاوضات مع حماس بلا رافعة إطلاق النار. والرّافعة الوحيدة المتبقّية هي ترامب؛ وهذه رافعة قويّة جداً، وهي ليست بأيدينا".
5/10/2025
موقع عرب 48
تحرير:بلال ضاهر

ليس واضحاً بعد كيف ستنتَهي المفاوضات في مصر حول إنهاء الحرب على غزة، بموجب مُقتَرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي ستبدأ غداً، الإثنين، على الأرجح. فإسرائيل تُحاوِل وضع شروط ترفضها حماس، مثل إلقاء سلاحها، رغم أن مَكانة إسرائيل في العالَم، وكذلك في الولايات المتحدة نفسها، تدهوَرت إلى حضيض غير مَسبوق، بسبب حرب الإبادة.
واعتبر المحلّل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، اليوم الأحد، أنه "من الجائز أنّه بكلّ ما يتعلّق بإعادة المخطوفين ووقف الحرب، قد وصلت الأمور إلى نقطة اللّاعودة. وإذا تمّ التوصّل إلى صفقة، فهذا يكفينا. وإذا أضيف إلى ذلك إقامة نظام في قطاع غزة لا يُريد وليس قادراً على تهديد إسرائيل، فهذا مَكسب. وإذا اندمَجت إسرائيل في الشرق الأوسط الذي يصنعه ترامب، سيَكون المَكسب مضاعَفاً. لكنّنا في بداية الطريق".
وبحَسبه، فإنّه "بدَلاً من أن يُقنِع ترامب شركاءه بالنزول عن الشجرة، هو يُسقِط الشجرة عليهم. فهو لا يَطلب ولا يَشرح ولا يُساوم، وإنّما يُملي رأيه عليهم، ويُهَدّدهم بجهنّم إذا لم يُوافِقوا. وهذا الأسلوب الوحيد الذي يُمكِن أن ينجح في الشرق الأوسط. ولن يكون مُستَحقاً لجائزة نوبل للسلام فحسب، وإنّما لجائزة نوبل للكيمياء أيضاً. فقد وجَد الطريق للتغلّب على دي-أن-إيه حكّام أكثر المناطق السامّة في العالم".
وأضاف أنه "بنظْرة إلى الوراء، يصعب فهم سبب عدم تصرّف أسلاف ترامب مثله. فحماس هي حركة متعلّقة بالمال وبتأييد سياسي وباستضافة سخيّة من جانب دول إسلامية مثل قَطَر وتركيا ومصر والسعودية والإمارات. وأمن جميع هذه الدول متعلّق بالولايات المتحدة. وقسم منها يستثمر مليارات بترامب وعائلته، وهو يستثمر فيها. وهذا استثمار لا تُريد فقدانه. وهذه الدول ستُفَضّل الرئيس الأميركي إذا كان الخيار بينه وبين ما تبقّى من حماس".
ولفَت برنياع إلى أن "إسرائيل متعلّقة بالولايات المتحدة أكثر من هذه الدول. وخلافاً لهذه الدول، ليس لدى إسرائيل بديلًا، لا في الصين ولا في روسيا ولا في إيران. وليس لديها بديلًا في أميركا أيضاً. فنتنياهو والحرب ألحَقا ضرَراً جسيماً في تأييد الديمقراطيين لإسرائيل، وفي تأييد قسم هام من حركة ترامب والحزب الجمهوري. وهذا ما يحدُث لدولة وضعت كلّ رصيدها في سلّة واحدة".
وبحسبه، فإنّ "ترامب لا يُهَدّد نتنياهو، وإنّما يأمُرُه. وليلة الجمعة - السبت أوضحَت ذلك للجميع. فقد عقَد نتنياهو مُداوَلات أمنيّة أملًا بإظهار ردّ حماس على أنه سلبي، ومُواصَلة تقدّم القوّات في مدينة غزة. وغَرّدَ ترامب أن وجهة حماس نحو صفقة، وانقلب كلّ شيء فوراً. وأصدَر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أمراً للقوّات بالتوقّف مكانها... وليس مؤكّداً أن نتنياهو كان راضياً من سرعة انتقال أوامر ترامب إلى ميدان القتال. لكنّ الحقائق فُرِضَت. لأوّل مرّة ستُجري إسرائيل مفاوضات مع حماس بلا رافعة إطلاق النار. والرّافعة الوحيدة المتبقّية هي ترامب؛ وهذه رافعة قويّة جداً، وهي ليست بأيدينا".
وتابع برنياع أن "إسرائيل والوسطاء سيَتداولون في شرم الشيخ حول التفاصيل. لكن في الوضع الحاصل ستَجري المفاوضات الحقيقية بين إسرائيل وترامب، وبين الوسطاء وترامب. فهو الزعيم. ويُدرِك الجميع أنّ الانتصار، إذا سيكون هناك انتصاراً، فإنّه لترامب. إسرائيل ستُنهي الحرب؛ إذا أنهَتها، جريحة ومنبوذة ومُقادَة. وقَطَر، التي هاجمَها نتنياهو، ارتقَت إلى مَكانة حليف. وتركيا نُظّفَت من آثامها. والسعودية هي الجوهرة في التاج. وإسرائيل هي الأخ الأصغر الذي يُلزِم الأخ الأكبر الأولاد باللّعب معه. وكلّ ما يتعلّق بالعلاقات بين أميركا وإسرائيل، فإنّ عهد بلطجي الحارة انتهى".
وأشار المحلّل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى "وجود تأييد شعبي واسع في الرأي العام الإسرائيلي لإنهاء سفك الدماء، لفترة على الأقل. لكن القيادة تخشى صفقة، لأن إنهاء الحرب من شأنه المسّ بمَكانتها الداخلية وإلزامها بالمُحاسَبة على أفعالها؛ إضافة إلى كشف الفجَوات بين التعهّدات التي نثَرتها خلال الحرب وبين إنجازاتها الحقيقية".
واعتبر هرئيل أن "نتنياهو وقادة حماس يُحاذِرون من ألّا يظهَروا بنظَر ترامب كمَن أفشلوا الاتفاق. ونُقِلَت إلى حماس رسالة أميركية، بواسطة القَطَريين، مفادها أن عدّة بنود بالخطّة ما زالت مَفتوحة للتفاوض، بشرط التقدّم".
وأضاف أنه "بعد الانتقادات ضدّ نتنياهو في الأيام الأخيرة، على إثر الاتفاق الدفاعي بين الولايات المتحدة وقَطَر، بدأت حملة من جانب أبواقه، ادّعت أن نتنياهو وترامب يُنَسّقان كلّ شيء، وستَثبُت قريباً عظَمة رئيس الحكومة، عندما يُصادِق الأميركيون على إرسال الجيش الإسرائيلي إلى هجوم أخير ضدّ كتائب حماس في مدينة غزة".
وأشار هرئيل إلى أن "نتنياهو نجَح في الماضي بإقناع ترامب بأن يدعمه. لكن من الجائز، هذه المرّة، وبالرّغم من تهديداته لحماس، أن يبدأ الرئيس بالتشكيك في إمكانيّة أن إسرائيل قادرة على تحقيق انتصار عسكري سريع في غزة".
وتابع أنه "إذا أصرّ ترامب على التوصّل إلى اتفاق، واستمرّ في مُمارَسة ضغط شديد، قد يجِد نتنياهو نفسه في طريق بلا عودة، في نهايتها صفقة وإعادة المخطوفين وإنهاء الحرب. ولأوّل مرّة منذ كانون الثاني/يناير، يظهَر وجود زخَم إيجابي باتجاه صفقة مُحتمَلة".
لكن، بحسب المحلّل السياسي في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينيّة، أريئيل كهانا، فإنّ "ترامب أدرَك أن الشعب في إسرائيل يُريد أمرَيْن؛ تحرير المخطوفين والانتصار على حماس. وهذا بالضبط ما تَمنحه الخطّة التي بلوَرها صهره جاريد كوشنير وصديقه ستيف ويتكوف، اللذان تعاوَنا مع نتنياهو ورون ديرمر".
وادّعى كهانا أن "طَرْح الأمور كأنّ ترامب فرض شيئاً على نتنياهو هو طَرْح سخيف. وترامب تحدّث هاتفياً مع نتنياهو ونسّق الأمور معه. إذ إنّ خطّته جيّدة لإسرائيل، ونتنياهو يريد تطبيقها. ووقف العمليات الهجوميّة في غزة، من أجل إنجاح الخطّة على أرض الواقع، يتلاءم مع المصالح الإسرائيلية". لكن كهانا لم يتطرّق إلى احتمال سقوط حكومة نتنياهو بسبب مُعارَضة الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير لوقف الحرب.
واعتبَر كهانا أنه "بهذه الطريقة تُحافِظ إسرائيل على ترامب في جانبنا، وتَنقُل الكُرَة إلى ملعب حماس، بينما لا تُكَلّفنا ثمَناً أمنياً باهظاً. إذ إنّ الجيش الإسرائيلي لم يتوقّف عن إطلاق النار، وإنما أوقَف العمليات الهجوميّة فقط. أي لم يُسَيطِر على مناطق جديدة في مدينة غزة، لكنّنا احتفَظنا بالسيطرة على المناطق التي بأيدينا. ولا يزال جنودنا يُسيطِرون على محور نيتساريم ويمنعون الغزيّين من العودة إلى الشمال. ونتيجة لذلك، كان هناك عشرات القتلى في غزة بعد الإعلان الإسرائيلي بناءً على طلَب ترامب حول وَقْف العمليات الهجوميّة".

2025-10-09 12:17:34 | 33 قراءة

مركز باحث للدراسات الفلسطينية والاستراتيجية